عبدالباقي الظافر
ترجلت هيلاري كلينتون من سيارتها المرسيدس الرمادية.. رسمت كعادتها ابتسامة ثقة على وجهها الذي لم تغادره مسحة جمال رغم تعاقب السنوات.. لا يلوح في الافق مايفسد رحلة وزيرة الخارجية السابقة الى لندن في شتاء العام الماضي.. سيدة البيت الابيض السابقة جاءت لتحصد جائزة عالمية تقديرا لعملها الدؤب في توطين الدبلوماسية الناعمة ذات الأسر الفعال..لعنة الله على الاعلام الذي التقط حادثا صغيرا افسد كل الرحلة .. سيارة مدام كلنتون التى تحمل لوحات دبلوماسية كانت تقف لمدة (45 ) دقيقة دون ان يدفع سائقها ثمن التجنيب الزهيد..حاول مرافقوا الوزيرة ان يقنعوا رجل الشرطة ان تحرير مخالفة بثمانين جنيها استرلينيا تعتبر إهانة دبلوماسية.. ابتسم الشرطي واكمل مهمته بتذكيرهم ان بإمكانهم ان يخفضوا المبلغ الى النصف ان سددوا المخالفة خلال أسبوعين.
نقلت الصحف ان الفنانة الكبيرة ندى القلعة أوقفت عربتها بصورة خاطئة في حى الرياض بشرق الخرطوم..كانت المطربة تنتظر شراء وجبات سريعة من مطعم شهير.. طلب منها شرطي مغادرة المكان ..ولكن النجمة المسكونة بمرض النجومية أبت واستكبرت.. انتهت المخاشنة الى رفض الفنانة الانصياع لتعليمات رجل شرطة.. بعدها تطورت الاحداث بمذكرة قبض جعلت ندى القلعة تصل الى قسم الشرطة ويتم الإفراج عنها لاحقا بالضمان الشخصي.
قبل سنوات كنت شاهدا على دراما من ذات القبيل.. الاستاذ علي مجوك المؤمن وقد كان وقتها وزير دولة بمجلس الوزراء قبل ان يتم ترقيته مؤخراً لوزير كامل الدسم بديوان الحكم المركزي..الوزير مجوك كان يمتطي عربة (لانكروزر) بدون لوحات.. حينما أوقفه شرطي رفض الانصياع واشتبك مرافقوه في عنف لفظي مع رجل الشرطة المسكين.. تصادف وقتها مرور ضابط شرطة عظيم وأصر الضابط على تطبيق القانون.. رفض الوزير الانصياع ومغادرة العربة حتى تم جرها بسحاب وانا وهو بداخلها .. في رئاسة المرور تدخلت السياسة في ذاك المساء الحزين وخرجت عربة الوزير ظافرة وكتبت تحقيق رائع في العزيزة التيار عنوانه (وزير في قبضة الشرطة ).
بصراحة باتت ظاهرة تحطيم القانون على يد الكبار حاضرة..قبل اشهر تعدى ابناء مسئول كبير بمجلس الوزراء على حارس بمستشفى الزيتونة.. لم يرتكب الحارس المسكين اي خطا سوي تطبيق القانون الذي يجعل وقتا معلوما لمعاودة المرضى .. قبلها في القضارف قام مرافقو احد المعتمدين باعتقال خفير في المستشفى بعد ان قيدوه بالحبال بسبب رفضه السماح بدخول المعتمد في غير أوقات الزيارة..
في كل بلاد العالم يحاول المشاهير ورجال السياسة احترام القانون.. خطا الشخص العام تبعاته اكبر..بداية يشوه شخصية مرتكب الخطا ويقدمه باعتباره شخص غير متحضر ولا يهتم باحترام القانون.. وفي أحيان اخرى يصبح التصرف السيء نموذجا يقتدي به المعجبون.
في تقديري ان على الفنانة ندى القلعة الا تأخذها العزة بالإثم ..تبدأ ندي بتقديم اعتذار واضح لجمهورها العريض اولا وللشرطة السودانية ثانيا..علينا ان نستثمر هذه الحادثة السالبة في توطين ثقافة احترام القانون..مقترح بسيط تكفر به القلعة عن ذنبها..ترتدي ندى القلعة ملابس شرطة المرور وتساهم ذات نهار حار في تصريف حركة المرور في تقاطع شارع القصر مع الجمهورية..بعدها تستلهم شرطة المرور الفكرة وتوسعها على قدر المستطاع .. نجد هيثم مصطفى في يوم عطلة يساهم في التوعية المرورية فيما يتولى حسين خوجلي نزع الزجاج المظلل من السيارات الدستورية كناية عن الشفافية الغائبة.