. أستطيع أن أجزم بأن شعب السودان العظيم لا يعطي جائحة الكرونا و(بلاويها المتلتله) ما تستحقه من اهتمام ربما لعمق في الإيمان (بأن لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) متجاهلين الدعوة الي عدم الالقاء بالنفس الي التهلكه وربما لقصور في الثقافة الصحيةاو (لجعلية) تري عيبًا في لبس الكمامة وتعالي في السلام عن بعد وفلسفة زائده في غسل اليدين وتطهيرها مرات ومرات. وفي كل مرة تجبرني فيها الظروف علي الخروج والذهاب لواجب اجتماعي لا فكاك منه اعود وقد تملكتني قناعة راسخة بأننا في الخرطوم وما حولها خارج شبكة منظمة الصحة العالمية تماما ولم نسمع بما جري لدول تفوقنا بسنوات ضوئية في نظمها الصحية وقدرتها الوقائية والعلاجية( واذا كان هذا هو الحال في الخرطوم فكيف يكون الحال في الأقاليم والتخوم والأرياف؟). فقد قادتني قدماي اليوم الي صيواني مأتم وفرح. واصابني الذهول والوجوم وأنا اري التزاحم والتدافع وعدد المهنئين والمعزين يفوق مرات ومرات أعداد الذين اعتدنا علي رؤيتهم قبل ان ( تتكورن) الدنيا و(تتفرس) الجزثومه. مئات السودانيين من مختلف الأعمار يعانقون ويصافحون بعضهم البعض بحميمية تهزأ بالأسقام وبالفناء ، يأكلون الطعام ويمشون في الصيوان ويتحدثون في وجوه بعضهم البعض في ألفة غير ممنوعة ولا مقطوعة صقلتها روابط القربي والجوار والمصاهرة ورفقة السفر والدراسة والتجارة والعمل. شعب لا يعرف ان يلبس لكل حالة لبوسها حتي وان كان الثمن الحياة التي يعيشها الانسان مرة واحدة. يحدث كل ذلك والناس علي قناعة تامة بأن الوقاية خير من العلاج وأن المنية اذا انشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع لا اخفي قلقي الشديد عند كل عودة من مناسبة اجتماعيه أحاول خلالها ان اطبق ما تعلمته علي قلته في مجال الوقاية من جائحة الزمان الأشعث الأغبر هذا والتي اعقبت معاناة ثلاثين عاما من العسف والظلم والاستبداد والطغيان والعبث بمقدرات البلاد. لقد رسخت في نفسي قناعة اننا نعرض خارج الزفه ومواقف المواصلات العامهً ومركباتها قد مكنت مستخدميها ومرتاديها من أن يتنفسوا بأنوف وأفواه بعضهم البعض ليعودوا ويعاودوا الكرة مرات ومرات في محطات وقود السيارات ووقود الأمعاء من خبز ومتطلبات الطعام. أليس هناك جهة مناط بها رفع الوعي ازاء المخاطر التي تهدد حياة الآلاف اذا ما وجدت هذه الجائحة النائحة طريقها الي وطن هدته الحروب وتجارها وقعدت به ألاعيب السياسة ومزالقها القذرة وهو الذي كان وسيبقي قادرًا علي اطعام قارة باكملها متي قيض الله له الحكم الرشيد والحاكم الأكثر رشدًا. وأقول بلغة كرة القدم ان شعبنا يواجه هذا المهاجم المرعب الذي تمنع علي كشوفات الريال والبارسا، يواجهه بدفاع مكشوف لا يجيد حتي نصب مصيدة التسلل علما بان تكديس المدافعين دون تكليفهم بمهام محدده يؤدي الي الهزائم التي تسير بذكرها الرهبان. وللأسف فإن هذه النظرية الدفاعية الساذجة هي السائدة الان. لقد كثر الحديث عن مراكز حجر وعزل صحي دون تحديد مهام ويكفي ان عضوة المجلس السيادي دعت المواطنين لتوفير الطعام والفراش للمعزولين والعالقين. أي منطق هذا وأي ترتيبات تلك التي نسمع عنها ولا نراها ونحمد الله كثيرا علي عدم ثبوت حالات إصابات مزعجه حتي الان . أيها الشعب العظيم نحن لا نقاتل مستعمرين سبق ان هزمناهم شر هزيمه وقطعنا رأس رمزهم. والأمر لا بتعلق بشجاعة نبديها في قتال عدو يدخل من بوابات وطابيات وطن الجدود وإنما نقاتل وحشا كاسرًا لا يعرف الدخول الي البيوت من ابوابها ولكنه وحش خبيث ودنيئ اعتاد ان يدخل الي الصدر والرئتين عن طريق الأنف والفم دعونا نتعامل مع الامر بما يستحقه من جدية واهتمام وحرص ولنتذكر جميعًا ان حياة الفرد منا ليست ملكًا له وحده وان هناك من يموت لموته خلق كثير. حفظ الله البلاد والعباد وابعد عن وطن الحدود جائحات الشر من كل جنس.