. هل نعاني هذه الأيام من أزمة ضمير بعد ان طال الارتفاع اللا إنساني للأسعار كل احتياجات المواطن بما فيها أكفان الموتي؟ من يسكت أنات أفواه الصغار الجائعة ومطعمها محبوس بالمنزل دون مصدر زق؟. أسئلة كثيرة تجول بخاطري بعضها استنكاري والآخر يمثل بحثا عن مخرج لشكوك تطال استمرارية قيم نبيله توارثها السودانيون كابرا عن كابر جعلتنا ننشد في كبرياء وشموخ وأنفة وعزة ( لو ما جيت من زي ديل كان أسفاي وا مأساتي واذلي) قبل ان ينسجم كورال الإبداع والفن والتطريب السوداني في رائعة الأجيال( نحن ونحن الشرف الباذخ دأبي الكر شباب النيل). تلك قلائد شرف زينت عنق الانسان السوداني وأوسمة ونياشين بطولة وكرم وشجاعه توهجت وتشرفت بالجلوس علي صدور اهل السودان ردحًا من الزمن وحتي زمان قريب فماذا دهانا؟. طرحت علي نفسي هذا السؤال وقد خرجت بالأمس لتوفير احتياجات الاسره بعد أن راجت أنباء مفادها ان الحبس المنزلي (شبيه الاحتباس الحراري) سيطبق في الفترتين الصباحية والمسائية بعد ان كان قاصرا علي الفترة المسائية. لقد هالني ما رأيت وصدمني ما سمعت وانا اسعي لقضاء حوائج الاسره طعاما وشرابًا ودواء.لقد صدمني السلوك قبل ان تصدمني الأسعار التي دخلت عالم الفلك ما بين غمضة عين وانتباهتها وصدمني التوقيت كأنما قرر بعض ضعاف النفوس من التجار أقامة أسواق تجاريه وسط مستشفيات ومدافن مواطنيهم من أهل السودان. اعلم ان بعض التجار من بين الذين اعمي الله بصيرتهم يتعمدون رفع الأسعار عند حدوث ندرة في السلع وما توقعت لحظة انه وفي هذا الظرف العصيب والذي تهدد فيه الكرونا اهل العالم ومن بينهم أهل السودان بندرة في أكسجين التنفس واكسير الحياة بسبب سكون الفيروس في الرئتين لا سمح الله ، ان ندرة الأكسجين ستكون مدخلا لإذكاء وإرضاء طموح البعض الشرير في الإثراء علي جثث ردد أصحابها ايام حياتهم( أيها الناس نحن من نفر عمروا الارض حيثما قطنوا يذكر المجد حيثما ذكروا وهو يعتز حين يقترن حكموا العدل في الورق زمنًا اتري هل يعود ذا الزمن). نعم ليت ذا الزمن قد عاد بما مضي حيث القيم محفوظه والموروثات مقدسه ولكنه وللأسف عاد بجديد تقشعر منه الابدان ولم يخطر علي بال. .لقد غلبت الأنانية واستشري الطمع واشتعل اشتعال النار في الهشيم وأسقط البعض الخطوط الحمراء مع اول (كاف) لمفردة كرونا. لقد طالت الزيادات الجشعة وغير المبررة الخضروات والألبان والفاكهة (والكسرة) والتوابل واللحوم وغيرها من الكماليات كالمعجنات والمكسرات والحلويات ولم يسلم منها الدواء بما في ذلك الدواء المنقذ للحياة. كانت الصدمة كبيرة بالنسبة لذوي الدخل المحدود وهم أنفسهم اصحاب (الجيب المقدود) الذين التقيتهم في أماكن البيع والذين أتوا يحملون في (راحة أيديهم )التي طالتها الندبات وشوهتها بقايا جراح قديمه دليلا علي عفة وسلامة مصادر أرزاقهم ، أتوا يحملون اموالا زهيده لقضاء وشراء حاجات معينه لا تتجاوزها قدراتهم الشرائيه وفقا لاسعار الامس التي وظفوا نظام حمياتهم الغذائية علي أساسها. قد ادركت ساعتها اننا نعيش أزمة ضمير بعد ان مات ضمير بعض الأحياء بامراض تتقاصر عن خطورتها خطورة مرض الكرونا. لقد مات ضمير الذي كان(يذبح الشايله ويغيث الملهوف ويكسب القليل بالحلال وحل محله ضمير مصاص الدماء وتاجر المدافن ومقاول المستشفيات والأمراض ) والذي وجد ضالته في جائحة الكرونا لبلوغ ثراء حرام دون ان يدري انه سيبقي فقير أخلاق وعديم ضمير وتاجر حرب حتي وإن طال قارون ثراء.وفي عتمة هذه الظلمة الإنسانية ونحن نرفع أصواتنا احتجاجًا سعدت بموقف سوداني أصيل لسيدة سودانية كاملة الدسم (لاحت شلوخ أصالتها) و تقاصر ما براحة يدها العفيفة النظيفة عن بلوغ سلعتها فرفضت عرضي وعرض اخرين بتقديم يد العون قائلة(هو الزول بموت كم مره؟). يالها من رسالة مشرقة وضيئة في عتمة ليلة تشييع ضمائر البعض جاءت لتثبت ان الموت الذي طال ضمائر بعض ادعياء الرجولة صدته ضمائر كنداكات السودان الحية لتؤكد ان تعاليم وقيم ومبادئ السودان العظيم لا زالت في الحفظ والصون. يحدث كل ذلك وقد ابدع(الكفار ) من حولنا في اعلاء قيم الإيثار والكرم والتضحية والشهامه. فقد حول( ديور) أشهر بيوت العطور والأزياء علي مستوي العالم نشاطه الي صناعة المطهرات وحاجات التعقيم. ووزعت الصين (بيت الداء) الكمامات مجانا في الوقت الذي بلغت فيه اسعارها في بلادنا أرقاما لأقبل بها لمن يحتاجها. ومنح الرئيس الفرنسي ماكرون أموالًا وحوافزا لأصحاب المهن الحرة مقابل البقاء في دورهم درءا للاختلاط وانتشار المرض. اصحيح ما يقال عن ان تلك البقاع بانها بلاد اسلام بلا مسلمين ؟ كيف لنا ان نقرر حبس اصحاب المهن الحرة في منازلهم (كتلك الهرة التي ادخلت حابستها النار) دون ان نوفر لهم شحيح المال (أو خشاش الارض) لسد رمق فلذات أكبادهم. من هو الرجل والأب والزوج من اصحاب المهن الحره الذي سيصم أذنيه عن سماع (جائحة ) الجوع التي تنهش في أمعاء صغاره امتثالًا لاوامر فوقية ظن من اصدرها ان لكل الناس رواتب وعلاوات وترقيات؟ وحتي هؤلاء الذين اشرت اليهم اصبحوا تحت خط الفقر الا من رحم ربي بمهنة إضافية تسد بالكاد الرمق. ان الواجب الإنساني يقتضي بالضرورة اعادة النظر في هذا التعميم المخل. فقد حدثني من اثق في حديثه ان هناك من يخرج باحثا عن الرزق في مهنة حره ودرج علي تحويل رصيد ب٦٠ جنيه للصابره ربة المنزل وربة الصون والعفاف كي تدبر طعام الإفطار للصغار الجوعي والأغنياء بالحلال. وذلك في انتظار ان يرزقه فاطر السنوات والأرض قيمة وجبة اخري يأتي بها مساء وقد لا يأتي بها حتي الغد. وأخبرني محدثي أيضا ان اكثر من ثلاثه مليون اسرة بالعاصمة القومية لا تملك ثلاجة لانها تعودت علي ( رزق اليوم باليوم)؟ فكيف نساوي بين مواطنين لا يتساون الا داخل الكفن الواحد؟. اللهم نسألك رفع البلاء عن البلاد والعباد. وأرفق اللهم بأسر تكسر نصال فقرها علي نصال جشع مستغليها والمضاربين بقوتها وتعليمها وعلاجها.اللهم ان كان قدرك ان نخرج من كارثة الإنقاذ الي حائحة الكرونا(فاكتب لنا أجر من قد مات في أحد) مثلما خط يراع الراحل المقيم استاذي العظيم محمد الواثق رحمه الله وتقبله في عليين. ومن لم يمت بالكرونا مات بغيرها تتعدد الأسباب والموت واحد. الاثنين ٣٠ مارس