بوح الدواخل
أماني محمد صالح
أمي حبيبتي رفيقة عمري
أكثر من ثلاثين يوما على رحيلك.. أمي ما زلت بين مكذبة ومصدقة لرحيلك.. كأنه حلم مزعج سوف أستيقظ منه، أمي يا فرحة أيامي ونوارة سنيني.
أمي وحبيتي وصديقتي كنت مكتفية بك حد الإكتفاء.
أشتاق إليك ، لأحاديثنا في الصباح (حديث الصباح) ونحن نرتشف الشاي وطقوسنا عند الصباح، حكاياتك أمي لها وقع خاص في نفسي فقد كنت تجيدين سرد حديث الماضي والذكريات. حكايات وقصص أسمعها منك أكثر من مرة، لكن كنت أسمعها بكل متعة فأنا مثلك أمي أهوى السرد، والتعلم من حكايات الماضي، مثلك لدي نزعة ( النوستالوجيا) عالية.
الحنين إلى الماضي، لعبت جينات الوراثة دورها فكنت مثلك أحن وأشتاق إلى الأماكن وشخصيات الماضي وأصدقاء الطفولة والدراسة.
روحك تشبه روحي، وما أماني الروح إلا نسخة منك، فأنا أشبهك أمي في كثير من الصفات، تعلمت منك الصبر والصمود، كنت قوية مثلك، واستمد قوتي منك بعدك، ذكرياتك هي مصدر قوتي، كنت تقولين لي دائما (الكسار جبار ) وأن الله جبار الخواطر بعد العسر يسر ، فقد عشنا معنا كل تقلبات الحياة من فرح وحزن ومرض، كنت دائما تطيبين خاطري بحكمتك وصبرك إيمانا منك بعدالة السماء وأن هذه فلسفة الحياة وإن كل شئ مكتوب ومقدر.
كنت أستمد منك اليقين والأمل والتفاؤل، فقد كنت شامخة مثل أشجار النخيل ، مشرقة كالشمس في بلاد النوبة مع الصباح، جميلة مثل إطلالة القمر مساء.
هادئة وهادرة كالنيل في تقلباته، ولكن في كل الأحوال كنت رمز العطاء والخير والجمال.
أمي الجميلة الأنيقة صاحبة الكبرياء والاعتزاز بالنفس، هانم إسم على مسمى، كانت تمازحني خالتي سلامة رحمة الله عليها وعلى أمي – خاللتي سلامة حكاية أخرى – وتقول أمك هذه (أنديرا) تشبيه منها بالأميرة.
فقد كانت كذلك، أميرة في بيتها في مملكتها حكيمة في إدارتها.
أمي الجميلة هل تعلمين أن الحياة بعدك باهتة باردة فقدت طعمها، لم تعد مبهجة فكل شئ معك كان له طعم آخر.. أنت سر الحياة وروحها.
أمي أخبرك عن عنايتي بزهورك كل صباح، فهي متفتحة وجميلة مثلك، أقوم بكل شئ كنت تقومين به، أريد أن أكون نسخة منك، أصبحت عاشقة لطقوس ربما كنا نتختلف فيها في السابق، لكن الآن من أجلك ولشدة شوقي إليك أفعلها.
كل ركن في البيت يسألني عنك، الإحساس بالوحشة والحزن يسكنهم.
روحك ما تزال معنا، تطوف حولنا، أعلم انك معي أحس بروحك داخل المنزل ، فأشعر بالطمأنينة أنك معي، لا أخاف ولا أحس بوحشة، لأنك معي، أدعو لك في كل لحظة فهذه حلقة الوصل بيني وبينك.
اتمنى ان أكون الولد الصالح لأكون عملك المتواصل بعد وفاتك، كنت أبذل ما في وسعي لتحقيق السعادة لك، وأتمنى أن أكون قد وفقت في ذلك، لكن باغتني موتك أمي، هنالك أمنيات وأحلام لم أحققها معك، كنت أتمنى تحقيقها لكن هي إرادة المولى.
نتلقي في الجنة يا أمي بإذن الله.
أحمد الله اني كنت رفيقة لك في كل هذه السنوات، كنت سندا لي، وكنت سندا لك، لن أكون مثلك تماما فعطاء الأمهات لا مثيل له، رحمة الله عليك أمي الحبيبة هانم صالح خليل إلى جنات الخلد يا أعز الناس.
أماني الروح
أماني هانم