Take a fresh look at your lifestyle.

وجع الحروف ..أنات حائرة تدمى قلب الجماد فى وداع فقيد “الصلوعاب” وأمير “الضوياب” الحبيب متوكل محمد الأمين

وجع الحروف ..أنات حائره

كتب عبد المنعم أبوشنب

تدمي قلب الجماد في وداع فقيد الصلوعاب وأمير الضوياب الحبيب متوكل محمد الأمين

…..وفي موسم الأشجان تساقطت زهور الربيع علي ضفاف شتاء الأحزان… وكانت هجرة عصافير الصلوعاب في موسم الشوق الحزين ( الأمين عثمان . الفكي بخيت. والدي العزيز. وأخيرا الحبيب متوكل محمد الأمين) …و يشترك الراحلون السابق ذكرهم في كثير من الصفات الجميلة والمناقب الحميدة ولكن الطيبة أو نقاء الضمير هي الصفة الأيرز التي جمعت بينهم ..فقد قدر أهل الأرض طيبتهم كما باركتها السماء بإذن الله ..فقد علموا أن كل شيئ ينقص إذا قسمناه علي إثنين إلا الطيبة فإنها تزيد إذا شاركتها مع الآخرين .فجعلوا الطيبة وحسن المعشر ودماثة الخلق و صدق النوايا شعارا لهم في الدنيا فحازوا محبة الناس ورضي الخالق .. فودعوا الفانية بعد أن تركوا إرثا ضخما من عمل الخير وحسن السريرة فعليهم نبكي وعلي آثارهم ننتحب ولفقدهم نلتحف الحزن ونفترش الدموع … وعن الحبيب متوكل اجتر الذكريات و استنطق الحكايات ..متوكل الباسم الضاحك ..عبق الدعاش وزخات المطر ونسيم الأصائل .الصديق الذي يعلم الجميع محبتي له و حبي لأسرته الكبيرة والصغيرة ..ومنذ زمن سحيق بدأت علاقتي بقبيلة الضوياب فرع السيادة والريادة في شجرة الصلوعاب .. تلك العلاقة التي أسسها آباء كرام و ماجدات عظيمات لم تكن علاقة رحم فحسب بل كانت علاقة متينة من التواصل الحميم الذي أرساه الآباء والأجداد . وأثناء دراستي الجامعية ربطتني علاقة صداقة وللآن بالأخ الشهم مجاهد عبد الرازق ضويو و كان دكانه العامر بحلة قدام مكان أنسنا و مجمع لقاءاتنا وكانت الخالدة في دواخلنا ملكة الحنان المرحومة آمنة العقيد هي أمنا جميعنا التي وهبتنا من كرم فيضها أكوابا من المحنة …وفي هذا الجو العامر بالأصالة والمترف بالكرم تعرفت أكثر علي الحبيب متوكل الذي كان مثل نجم السعد يحيا في الدواخل
وفي الأعياد تتمدد اللقاءات وتتعانق الأرواح وفي منزل الأخ الكريم حيدر يجتمع الأحبة و وتزدهي المحبة و كنا بشير وسلمان ومتوكل وعبد الرازق وسيف و مجذوب و مجاهد و محمد عثمان ومحمد متوكل ومجدي وربيع سيد أحمد و حسن وكبير المقام حيدر وكثير من الأحباء. وكان متوكل كالقمر في ليلة تمامه تحفه النجوم و تظله الغيوم يرسل اللؤلؤ كلاما والمرجان حديثا وتتكرر هذه اللقاءات بمختلف المناسبات و كان شخصي الضعيف بينهم في تناغم تام وانسجام فريد وكأني فرد من هذه العائلة التي اتخذت من التلاقي والتآلف والمحبة والمحنة منهجا وسلوكا بصم علي تميزهم و جعلهم أقمارا علمت الشمس الضياء ووهبت الحياة سر الخلود ومن أجل ذلك صاروا البرتقالة هم وبعض الرحيق أنا وما زالت محبتهم لي تزداد مع طول الأيام و إلفتهم لي تتمد وتقديري لهم يزداد ومحبتي لهم معلما بارزا في شغاف قلوبهم ..وتعرفت علي الحبيب متوكل أكثر عندما طلب مني مرافقته لمدرسة الصلوعاب الثانوية في العام 1998 لبناء سبيل للمياه صدقة لوالده الراحل .و عندما غادر الراحل المقيم متوكل إلي شندي مستوطنا بها وكنت حينها أستاذا جديدا بجامعة شندي ومتعاونا بمعهد الأيراهيمي ذلك الصرح العظيم الذي أسسه الحبيب محمد إبراهيم داؤود بدأت بذلك مرحلة أخري من العلاقة الأخوية التي توثقت بشكل كبير و كانت داره بمربع 24 داري وكنت دائم التواجد مع الأخ الحبيب محمد في منزله العامر الذي كان يدرس حينها بلإبراهيمي وكان الفقيد حينها مقيما بدولة الامارات العربية المتحدة وكنت أقابله في زياراته المتعددة للسودان ..متوكل لا عداوة له مع أحد تماما مثل والدي عليه الرحمة وكان كثير الدعابة و خفيف الدم حاضر البسمة ضاحك الوجه مبتسم الضمير زاهي الطلعة ينساب كما الماء متواضعا للحد البعيد مهموما بخدمة الغير وقضاء حوائج الناس و كان حمال أثقال أقوام إذا افتدحوا حلو الشمائل تحلو عنده نعم ..ما قال لا إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاؤه نعم ..وكان بطل ملحمة بناء النادي وسور المدرسة وكان سباقا بماله وجهده ووقته لكل عمل يهم الصلوعاب مسخرا علاقاته الكثيرة داخليا وخارجيا لوطنه الصغير الصلوعاب ولأهل وطنه الذين كان يسهم بقدر وافر في تخفيف الكثير من مشاكلهم و صعوبات حياتهم…كان نادرة زمانه وفريد عصره في حلاوة اللسان وكثرة الإحسان وقوة الإيمان…فقدي العظيم الحبيب متوكل : وما شربت لذيذ الماء من ظمإ إلا وجدت خيالا منك في الكأس و ما أشرقت شمس ولا غربت إلا وأنت علي فكري وإحساسي و ما جلست إلا ناس أحادثهم إلا وأنت حديثي بين جلاسي . وعليك سلام الله وقفا فإني رأيت الكريم الحر ليس له عمر.. ويقولون أن
المشاوير لما تكتر التعب في الماشي بظهر إلا مشوار الصداقة كلما طال بحلا اكتر
وهكذا كانت رحلتي مع الراحل العظيم كلما تعددت مشاويرها وتشعبت أركانها صارت عسلا من الود ورحيقا من الألفة وسكرا من الحب وكان متوكل محمد الأمين نغما لكل حادي ودليلا لكل حيران و دوزنة لكل لحن وخبزا لكل السنابل عاش وريفا وخرج نظيفا وهب حياته لكل عابر و قدم روحه لكل محتاج و نقر علي دف الفرح معلنا نهاية البؤس وسلطان التشاؤم.. و رحلتي معه لم تتته بإذن الله فإن غيبت الأرض جسده فمازالت روحه تحلق فينا معلنة عن حضوره الطاغي و .. وفي أيام الشهر الفضيل رمضان المبارك يظهر معدن متوكل الذي لم يخفيه فقر ولم يظهره غني فهو علي الدوام مطر الغمام ومأوي المحتاجين والأيتام فجموع المعزين الذين نعرفهم والكثير منهم لم نعرف تؤكد أن لمتوكل حياة أخري كان يعيشها مع كثير من الناس الذين اختلفت سحناتهم ولكنهم اتفقوا علي فداحة الفقد وعظم المصيبة ومكانة الفقيد .وفي رمضان منزل متوكل كان منزلي الأول الذي انطلق منه ملبيا دعوات الكثيرين من الأحباب والأهل بشندي وهكذا متوكل شجرة وارفة من كرم الطباع و عمق المحتوي . وأذا شجرات العرف جزت أصولها ففي أي فرع يوجد الورق النضر..فقد طاب أصلك فاغتني فرعك بكريم الخصال عليك سلام الله وقفا فإني رأيت الكريم الحر ليس له عمر ..مضي طاهر الأثواب لم تكن روضة من الأرض إلا اشتهت أنها قبر.. فإن يك متوكل خلي مكانه فلم يك وقافا ولا طائش اليد…. وهكذا الدنيا غرارة العبوس ..والحمد لله علي كل. فقدي الجلل ..أين البسمة الحانية التي كان يطوقني بها وجهك الجميل وأين الكرم الفياض الذي كان ملء برديك وأين الشجاعة التي كانت تشع من عينيك وأين القلب الكبير الذي كان لا يفرق بين محمد وشخصي الضعيف ومجذوب وعبد الرازق وعموم الإخوة وسائر الأحبة نحن لم نفقد فردا واحدا ولم تضم مقابر ود عمران رفات رجل ذهب كغيره من الراحلين بل فقدنا أمة و طوينا قيما ومثلا وأخلاق قلما اجتمعت عن رجل واحد ولكن حواها كريم النفس عالي المقام مزدهي المكانة خلاصة عطر المساء و رحيق تباشير الفجر الحبيب متوكل وفقدنا ملاكا طاهرا كان يمشي بالحب بين الناس ..لا يعرف الحقد والحسد والبغضاء والتنافر و صخب العداوة و حب الانتقام بل كان عنوانا للتسامح ورمزا للمحبة و قبطانا لسفينة المودة التي أبحر بها إلي شواطئ ملونة من أزهار الربيع وورد البنفسج …وكان متوكل صديقي وكان متوكل أخي وكان متوكل شهدي الخالي من إبر النحل . لم يجمعني به عمل ولا التقيته في أمر جيفة من جيف الدنيا الزائلة ولم تجمعني به مصلحة .بل جمعني به الحب والتقدير و فرح اللقيا ومعني الاحترام وحلاوة المودة وعطر التلاقي.. فقد قربت الصداقة وطهر العلاقة فارق العمر الذي بيننا فكان أبي وأخي وصديقي وبلسم الحياة الذي أزال أوجاعي و عالج أسقامي .وكان صديقي من يرد الشر عني ويرمي بالعداوة من رماني ويصفو لي إذا ما غبت عنه وأرجوه لنائبة الزمان .وقد خلف ذرية صالحة سارت علي نهجه والتزمت مستقيم حياته فكان أولاده شامات بارزة في خد الصلوعاب حفظت مكانة والدهم و سارت علي دربه مكملة لمشوار الخير الذي حفر الحبيب متوكله أساسه بأظافره و نحت بكفه الطاهرة علي طريق يعلم صعوبته وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام ..وساقتني قدماي البارحة لمنزلك العامر فقدي العزيزة فوجدت الأخوين سيف ومجذوب وتلفت يمينا وشمالا فوجدت سريرك الذي كنت تجلس عليه فارغا فطافت الذكري بخاطري وبكيت في سري عندما ناديتك ووجدت صدي صوتك بعيدا بعيدا بعيدا فضاق المتسع ونزفت الدواخل واعتذرت بلطف وغادرت مباشرة وسيف حدباي ومجذوب يصرا علي جلوسي ولكن ..وآه من لكن لن ننساك أبدا يا معلم الجبل الثبات ويا عطر النوايا ومطر النبات ..فأعذرني إذا اختصرت زيارتي للبيت الذي كنت لا أمل الجلوس فيه ..البيت الذي كان متنفس أحزاني وملتقي أحبابي وأقراني …ولن أنسي أبدا زيارتي لك قبل فقدك بيومين فقط ولو كنت أدري أنه آخر العهد بك لما غادرت أبدا ..كان فقدك مرا وكانت فجيعتي فيك حنظلا وكان إيماني بالله وبقدر الخالق قويا ولا نقول إلا ما يرضي الله…وفي وفاة والدي فعلي الرغم من حضور ابنك محمد و أخيك مجذوب من الخرطوم لواجب العزاء إلا أنك حضرت بنفسك علي الرغم من تواجدك خارج حدود شندي في مكان عملك…و ما زال دفتري حاضرا لتعليم المزيد وما زلت تلميذا في مدرسة الأخلاق التي شيدتها بكرم المحتد و نضارة التوجه ..اللهم قد أتاك متوكل صافي السريرة أبيض الضمير سليم القلب و خالص النوايا فأكرم نزله و أجعل قبره روضة من رياض الجنة واجعل البركة في ذريته و لا تفتنا بعده يا رب العالمين والسلام عليك في الخالدين ..

أخوك عبد المنعم أبوشنب

شاركها على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.