ذكريات 6 أبريل 2019
السبت 6 أبريل طلعنا انا وابراهيم لمستشفى الفيصل للعيون و كنت أعاني من إلتهاب و إحمرار في عيني اليمنى، وعندما حانت الساعة الواحدة ظهرا موعد الموكب، ذهبت لموظفة الإستقبال و طلبت منها الإسراع لدخولي لمقابلة الطبيب لأن لدينا موكب .. ضحكت ممازحه “ماشه وين بعينك دي؟” سلمتني كرت الدخول وقابلت الطبيب ومن بعدها خرجنا ولبست النظارة الشمسية للحفاظ على العين الملتهبة ثم توجهنا صوب القيادة بشارع عبيد ختم ..
كانت الشوارع ممتلئه بالسيارات و بداخلها الشباب و الأسر .. تدافع شديد للثوار بالأرجل .. والسيارات في حالة تزاحم شديد الا إن توقف سير الشارع ..بعض السيارات أخذت جانبا وتوقفت مع دعوة من الشباب الثوار لتركها و المواصله راجلين ..
عدد هائل من الشباب، النساء، البنات، الأطفال وحتى الشيوخ .. وقد قمت بتصوير شيخ مسن متكىء على عصاة و هو يهتف ” أرحل أرحل يا سفاح السودان داير يرتاح “..
يا سلام منظر الوفود وهي تأتي من كل الشوارع مبهج للنفس .. من جنوب الخرطوم تنظر بطول شارع عبيد ختم الوفود زرافات و وحدانا.. تنظر من الناحية الشمالية ترى أشاوس الخرطوم بحري عبر كبري القوات المسلحة.. من الشرق شارع رويال كير ومثلث طلمبة النحلة يظهر أسود البراري وم أدراك ما البراري .. منظر مهما وصفت لا أستطيع تصويره .. فقط الفرح و الدهشة هما سيدتا الموقف! .. أهذا هو الشعب الصامت ثلاثون عاما؟! .. أهذا هو الشعب الخانع المستسلم؟! .. لا و الف لا .. إنها غضبة الحليم بل هو المارد الذي خرج ضد التكبر و الطغيان ..
زحفنا الى داخل القيادة العامة ..و من ذكاء تجمع المهنيين لإختيار القيادة المساحات الواسعة وكثرة المداخل والمخارج وربطها بالعاصمة المثلثة ..
ونحن داخل حدائق القيادة و بين الحماس ونشوة الفرح كنا نغازل كل سيارة جيش داخله او خارجه .. كنا نركض صوب أي سيارة و نهتف ” الجيش جيشنا وإحنا أهلو ونستاهلو” .. لم ندري بإن بعض عناصر “الكجر” كانوا ينتحلون صفات الجيش .. و إذ بعساكر الكجر يقذفوننا بالغاز المسيل للدموع .. وياله من غاز .. لكن بحمد الله كنت أحتاط بالقليل من الخل حسب التوصيات .. أسرعنا بالركوض خارجا لإنني أعاني من حساسية الأنف مع إلتهاب العين في ذلك اليوم .. و لو لا لطف الله فقد كانت علب البمبان تتساقط من فوق رؤوسنا لان البمبان كان من النوع الذي ينفجر عند ملامسته بجسم، وقد أصيب العديد من الثوار في ذلك اليوم بمن فيهم إبن جارتي شادية بإصابه في القدم سلامات د. وليد..
وبين كر وفر خرجنا بمحازاة منتزة بري العائلي مع إطلاق كثيف للرصاص والبمبان .. سيارتنا ما تزال بعيدة .. أحد الشباب وصل الى سيارته طلبنا منه أن نغادر معه فصعدنا انا وابراهيم و إثنين من الثوار إحدهما صغير السن من بحري لا يعرف معالم الخرطوم .. أوصلناه الى موقف مواصلات بحري بعد أن قمنا بالواجب تجاهه ..
أوصل صاحب السيارة كل منا الى أقرب نقطة لمنزله ..
كان يوم عظيم رغم قساوة البمبان تلاحمت فيه كل أطياف الشعب السوداني الأصيل ..
والثورة مستمرة وحتما سيجني السودان ثمرة إنتفاضته ويعوض شعبه الصابر الصامد كل خير بإذن الله ??✌️