وكان عام الإنتصار
مدخل
هذه الأوتار أعصاب شهيد
كلّفته الأرض أن يرحل
فإستأذن راحل
فلتكن يا عام عام الإنتصار
للجماهير على بؤس الزمن
عاشت الأرض لافتة لنا
ولأعداء العصافير…كفن
حُميّد
خوزة قائد الجند، وبوق صوته اللعين، جاء يمشي مختالاً كطاؤوس أبله، رفع عصاته ملوّحاً، ثُمّ وضعها تحت إبطه، قام بآداء التحيّة العسكرية، ثُمّ زعق، صفا.. إنتباه، صفا.. إنتباه.
بيدٍ تحمل صولجاناً، وبأخرى بندقية صوّب فوهتها على صدر الشعب، تقدّم القائد المنفوش قائلاً:
“ثلاثون عاماً، للخلف دُر، مُعتدل مارش”. ثُمّ مشى على بساطٍ أحمر، تبعه جندٌ من خلفه، وبعض رِعاع، إبتسم وتقّدم للوراء، لمح ظلّاً وراءه، صار يمشي بخوف وحذر، والظل خلفه، بدأ يعدو، والظل من خلفه يعدو، صار القائد يلهث، ثُمّ هتف:
“أو تُرق مِنّهم دماء، أو تُرق مِنّا دماء، أو تُرق كل الدماء”.
والظل خلفه تماماً، هروّل القائد نحو حلمه البائس، يتبّعه الظلّ دون خوف، عرّج عبر بوابات الدماء، والظل خلفه، وطأت قدماه آلاف الجماجم، ثّم ظلّ يدور، والظل خلفه يدور ويدور، تغيّر هُتاف القائد:
أو تُرق مِنهم دماء، أو تُرق منهم دماء، أو تُرق منهم دماء، إشتعلت حُمى الهُتاف، بدأت هتافات نبيلة تعلو فوق هتافه الدامي، حُريّة، سلام، وعدالة، والثورة خيار الشعب، أصوات الثوّار تعلو، ضوضاء هتافاتهم العالية ممزوجة بالأهازيج والشِعر والغناء، علامات النصر المرفوعة، الأصابع الوسطى بجوار السبّابات، لا يخشون الموت رغبة في حياة عادلة، والقائد يُمعن في القتل رغبةً في إنتصار زائف.
ظلّت دماء الشهداء تغسل الأرض، الدم الطاهر يملأ الشوارع، والنيل يلتهم شهداءه دون إشتهاء، ويلفظهم بحسرةٍ وحياء.
سقط القائد، وقع مغشيّاً على جنونه، لفظ أنفاس الخيبة، لوّح لنا موّدعاً من قفصه، ثُمّ إنزوى وحيداً تُطارده اللعنات.
المعز عبد المتعال سر الختم
الذكرى الأولى لثورة ديسمبر
19 ديسمبر، 2019
نيو بريتن، كونيتيكت، الولايات المتحدة الأمريكية