شيرين والعاطفة المفرطة
نهلة أبو نورة
ما دعاني الي كتابة في هذا الموضوع هو الحالة التي تمر بها الفنانة المصرية صاحبة الصوت الشحي شيرين عبد الوهاب … هي فنانة تأرجحت حياتها مابين الصعود والهبوط واصبحت في مهب رياح الضياع بسبب عاطفة متقدة افتقدت العقلانية . ولكن يبدو انها كما كانت بداياتها بأغنية اه باليل هي ذات نهاياتها ولسان حال حالها وهي تقضي لياليها في مصحة للإدمان بعد أن غدر بها الزمان بسبب متلازمة عاطفة وحنان كما كتب ذلك شاعرنا الكبير محمد عبدالقادر ابوشورة التي تغنى بها محمد ميرغني..
العاطفة هي نقيض العقلانية الإنسانية وعلمياً يقول العلماء إن المخ فيه جزئين أحدهما للتفكير بعقلانية والآخر للعاطفة وقد يسيطر الجزء العاطفي على العقلاني ويضحي الإنسان بكل ما يملك وهو تقوده هذه العاطفة الجارفة والمسيطرة لدرجة ان يكون الثمن هو الحياة وفي ذلك تغنى الكاشف بأغنية حياتي ومعاها العاطفة النبيلة وباسم الحب اقدم ليك حياتي … إنها العاطفة الجارفة التي تجعل التضحية بالحياة تجاه من يستحق او لا يستحق …
وكثيرا ما نطلق العنان لعواطفنا سواء كان ذلك نحو المحبوب او نحو مشروع دون عقلانية وتكون النتائج كارثية …
وكم من شاعر هام وضرب في الأرض وكان الشرود منتهاه وكم من شعراءنا كانت المهارب ملجأهم كما خط ذلك د. النور حمد في مؤلفه مهارب المبدعين وان كان هروبهم مجتمعي كما ذكر د. النور حمد الا انني أرى فيه شرود عاطفي كلفهم الكثير كما كلفت العاطفة شيرين التي ترقد طريحة السرير للعلاج متأثرة بمتلازمة العاطفة الجارفة الزائدة . و هي متلازمة تقود في معظم الحالات الى التفكير غير العقلاني الذي يهرب بسببه الكثيرون نحو ملجأ ومتكأ الهروب عبر المخدرات والمسكرات والمغيبات…
ما بين العاطفة المعقولة والعقل مسافة انتجت اشعار وولدت إبداع واثمرت حيوات ولكن عندما تتسع هذه المسافة وتصبح أبعد من العقلانية ينقلب الإبداع إلى ضياع ويتحول جمال الحيوات الي خيبات وتنقلب الأحلام والأمنيات إلى آهات موجعات ووقتها سنغني مع شيرين (اه يا ليل ) في عتمة ليالي مكبلة بالموجعات والمنقصات ونفقد المسافة بين دفء العاطفة ورجاحة العقل … ويبقى لسه بيناتنا المسافة واللهفة والخوف والسكون و رنة الحزن البنخافها كما سطر شاعرنا صلاح حاج سعيد وابدع مصطفى سيد احمد …
نهلة ابو نورة
20/ أكتوبر /2022