استراليا-عشق البلد
المتابع لسير العمليات العسكرية منذ اندلاع الحرب في السودان في منتصف أبريل من العام الماضي جراء الإنقلاب الفاشل الذي حاولته قوات الدعم السريع المتمردة بتدبير إقليمي ودولي مسنود ببعض القوى السياسية الداخلية، يرصد بوضوح طبيعة الخطة العسكرية في المرحلة الأولى التي قامت علي امتصاص الصدمة، و التي التزمها الجيش في الحرب باعتماده إستراتيجية الدفاع عن المقرات العسكرية ومباغتة العدو في مكامنه لتحييد قدراته القتالية دون الاعتبار لحيازة الأرض، أو الانتشار الغير مدروس، مع التوظيف الجيد لسلاح الطيران و المسيرات والمدفعية في ضرب تمركزات العدو ومراكز الاتصال والسيطرة وتجفيف الإمدادات البشرية و اللوجستية ومنع استعواض المقاتلين، هذه الاستراتيجية العبقرية التي اعتمدت على الاستنزاف قد أوصلت القوات المتمردة لمرحلة عسكريا توصف بمرحلة الإبادة العسكرية أو الإجتثاث العسكري وهي خليط من التكتيكات القتالية والإستراتيجيات المتبعة لدي الجيوش النظامية، بجانب سلسلة من الهجمات المنظمة على مدى زمن طويل يعقبها هجوم شامل ينهار فيها العدو بشكل نهائي وتنهار قدرتة على المقاومة ولا يستطيع إعادة تنظيم قواتة عند مرحلة الهجوم الشامل، نجحت إستراتيجية الجيش السوداني بصورة كبيرة بالرغم من إنها أهملت عامل الزمن بالنظر إلى اشواق المواطنين للحسم العسكري الذي يمكنهم من العودة إلى بيوتهم وإلى حياتهم الطبيعية بعد أن ضاقت بهم أرض الهجرة والنزوح ودخلوا في معاناة كبيرة احدثت صعوبات بالغة في الحياة، هذا فضلا عن أن من لم يتمكن من الخروج من مناطق الاشتباك أصبح هدفا للتمرد عبر الانتهاكات الواسعة المباشرة أو عبر الدانات العشوائية المرسلة ليلا ونهارا تجاه الأحياءالسكنية للمدنيين، لذلك حين تحرك الجيش فجر الخميس الماضي بصورة مباغتة كانت فرحة كبيرة للمواطنين حيث أعتمد على خطة مدروسة قامت على ثلاث أهداف اساسية أهمها عبور الجسور الرئيسية المؤدية الي قلب العاصمة الخرطوم، واستلام بعض المقار والبنايات الإستراتيجية، واحداث أكبر قدر من الخسائر في صفوف القوات المتمردة مستفيدا من عنصر المفاجأة، وربط المنطقة العسكرية كرري مع المنطقة العسكرية الكدرو، لإكمال ضلع المثلث الذي رأسه في المنطقة العسكرية المهندسين، كانت الخطة محكمة بدأت في توقيت واحد في كل المحاور لإفشال أي فزع محتمل للتمرد ، استخدمت فيها القوات المكلفة بالمهمة كل الأسلحة المعاونة وأسلحة الميدان إلى جانب سلاح الطيران والمدفعية الحديثة الموجهة، كذلك لأول مره يحدث إنزال خلف خطوط العدو لتأمين عبور القوات الجسور المستهدفة.. كانت عملية( شرك ام زيردو) من العمليات المعقدة التي لايعرف تفاصيلها إلا عدد قليل من القيادات العسكرية، حيث أعتمد الجيش السرية التامة في الاعداد لها وفي تكتيكاتها الحربية، وهي كما علمنا عملية تتضمن مراحل الإبادة العسكرية عبر الهجوم الشامل بإستخدام هجمات برية وجوية وبحرية مع تدمير كامل للتشكيلات العسكرية للعدو ومواقع القيادة والسيطرة مع إضعاف تام للأمدادات وقطعها عبر تدمير المخازن مع منع انسحابه ، لمنع إعادة تشكيل القوات وتدميرها تدمير كامل وهو ما أكد عليه القائد العام للقوات المسلحة السودانية عبر إشارة التطويق والهجوم المباشر المعروفة بشرك (أم زريدو)، وهي مرحلة إبادة العدو التي وصل إليها الجيش السوداني بفضل الله وبفضل التخطيط والتنظيم وحشد الموارد لتحقيق إنتصارا حاسما على القوات المتمردة ، بعض القوات عبرت ليلا عبر النهر لبعض النقاط التأمينية المتفق عليها بالإضافة إلى عبور أخرى مشاة في حذر كبير للمحافظة على عنصر المفاجأة ، بدأ الاشتباك فجر الخميس استمر حوالي 10 ساعات عند ظهر اليوم كان إن تم رفع تمام العملية التي كانت نظيفة بكل المقاييس وأقل من التوقعات في الخسائر المادية أو البشرية ، العملية من العمليات الناجحة والتي سيحكيها تاريخ حرب الكرامة ، اللافت أن الجيش حرص على إبعاد المواطنيين من دائرة الخطر من خلال أشغال العدو باتجاهات اشتباك غير مؤثرة على مناطق تواجد الكثافة السكانية.. إلا أن اشواق المواطنيين لانتصار واسناد القوات المسلحة خرجوا في بعض المناطق القريبة من الاشتباك بصورة عفوية مفاجأة للالتحام مع الجيش.. حيث كان لخروجهم أثرا معنويا كبيرا على مستوى كافة الولايات السودانية الآمنة ، جميعها خرجت في احتفالات عفوية بهذا النصر الذي حققه الجيش بعبوره إلى قلب الخرطوم وتحقيقه لأهداف العملية كما خطط لها كذلك خرج السودانيون في بعض الدول الأخرى مصر ، عمان ، قطر ، السعودية، احتفاء بالجيش حيث عد ذلك تطورا ملحوظا وموشرا إيجابياً ، يؤكد على مدى كفاءة الجيش القتالية و الإسناد الشعبي الجماهيري للجيش، كانت تلك مجريات العمليات العسكرية فجر الخميس، عليه يظل وجه الحقيقة في أهمية الاستطفاف الوطني وفق معايير الإنتماء الحقيقي لهذا البلد الذي يتم التأكيد من خلاله على أهمية وحدة النسيج الإجتماعي و القومي ونصرة القوات المسلحة السودانية باعتبارها أهم ممسكات الوحدة الوطنية لتحقيق انتصارا كاسحا ملزما للتمرد بالذهاب إلى تنفيذ إتفاق جدة للترتيبات الأمنية والإنسانية الموقع في 11 مايو من العام الماضي لأجل حقن دماء السودانيين وإستعادة الأمن والسلام.
المزيد من المشاركات