Take a fresh look at your lifestyle.

مَرْثِيَة للراحل “احمد الطاهر على الزين “عميد معلمى الرعيل الأول فى الحصاحيصا

صديق النوارس.. حتما سيبكى

وداعا أيها النهر المتدفق حبا

السودان-عشق البلد

 

بقلم -محمد عبدالملك المحينة

ما إن وصل إلى سمعي خبر رحيل الأستاذ المعلم المربي احمد الطاهر علي الزين عميد معلمي الرعيل الأول بمدينة الحصاحيصا
وجدني حائرا وأنا أفتش في أحشاء اللغة عن الكلمات التي يمكن أن أكتبها، لتغسل حزني على رحيله، لكوني أشعر بنوع من ارتطام الوجع يدك أرجاء نفسي ثم يسكنها طويلا حزنا على فراقه، وإن كنت أعلم جيدا أن «وما المال والأهلون إلا وديعة…ولا بد يوما أن ترد الودائع»، فالموت حتم مؤجل علينا جميعا، ولكن مصدر ألمي على فقد أبو الطاهر هو علمي بأنه مدرسة متفردة و حافلة بالدروس، وتستحق وقوفنا كثيرا عندها، والحديث عنها نظرا لما تحتويه من مواقف وأحداث وتفاصيل جديرة بالتدوين، لكونها تسطر جزءا من تاريخنا غير المكتوب عن حلقات وفصول من حياة المعلمين الرواد، ومدرسة الأمس، المدرسة التي لا يزال حنينها يرن في سمعي، ويعزف قيثارة الزمن الجميل عند كل من كان يعرف كيف كانت مدارسنا، وكيف كان معلمونا، وكيف كنّا طلابا، أو عايش جزءا من تفاصيلها طالبا أو معلما، تفاصيلها الجميلة ببساطة تلك الأيام، وجمال العمل المدرسي، الذي كان يزيّنه حب العاملين بالمدرسة لما يقومون به من مهام تربوية وتدريسية
ليس من السهل فراق الأهل ورحيلهم ولكن هي الاقدار وحدها تكتب لنا ما تشاء وداعاً للقلب الطيب الذي توقف بعد أن رعى القلوب والأفئدة المعطوبة ووفَّى وكفَّى بطيبته وأخلاقه لعقود من الزمن عمل مع أجيال متعاقبة دون أن يترك خدشاً في قلب قريب أو صديق
وداعاً للأستاذ والمعلم والمتعلم وداعاً للنزاهة والصبر والتواضع والكفاءة والعطاء في زمن انتحار القيَّم وغياب المبادئ وداعاً للأدب والخلق العالي والأصالة في زمن صعب اختلطت فيه الحابل بالنابل وداعا لروح زكية اثرت فينا
فيا أيها الانسان الطيب والمربي المخلص ويا نبع العطاء والنهر المتدفق حباً لعملك يعز علينا فراقك في وقت تحتاج فيه البلاد الى امثالك من الرجال الأوفياء الصادقين بعد ان مزقتها الحرب وفتك بها الجوع والمروض والنزوح
مهما كتبنا من كلمات رثاء وسطرنا من حروف حزينة باكية لن نوفيك حقك لما قدمته من علم ووقت وجهد وتفانٍ في سبيل تربية وتعليم أبنائك الطلاب والطالبات
فقد علمتنا الأخلاق والقيم الفاضلة وغرست فيناحب العلم والمعرفة ونميت في اعماقنا قيم المحبة والخير والانتماء
فقد عرفناك معلماً هادئاً متسامحاً وملتزما بدينك وواجباتك ومهامك التربوية فقد علمتنا في المدرسة وخارجها وحملت الامانة بإخلاص واعطيت للحياة والناس جهدك وخبرتك وتجربتك وحبك للجميع

واعطيك كل ما لديك بلا حدود دون كلل أو ملل ان مهنتك ورسالتك هي من أصعب المهن وأهم الرسالات رسالة العلم والتربية بكل ما تحمله في طياتها من المعاني التي في صلبها بناء الانسان وبناء الوطن وبناء جيله المتسلح بالعلم
تمتع الاستاذ احمد الطاهر بخصال ومزايا حميدة جلّها الايمان ودماثة الخلق وحسن المعشر وطيبة القلب متميزاً بالدماثة والتواضع الذي زادة احتراماً وتقديراً ومحبة في قلوب الناس والطلاب وكل من عرفة والتقى به
وهل هناك ثروة يبقيها الانسان بعد موته أكثر من محبة الناس ؟
فلقد كان ابو الطاهر معلما محبوبا و مصباحا متوج بالعلم وجدول عطاء وتضحية ونموذجاً ومثلاً يحتذى في البساطة والرقة والعطف والحنان وسمو الاخلاق وطهارة النفس والروح ونقاء القلب والعفوية والتسامح
لقد غيبك الموت استاذنا ومعلمنا ومربينا الوفي “جسداً، لكنك ستبقى في قلوبنا ما بقينا على قيد هذه الحياة ولن ننساك وستظل بأعمالك ومآثرك وسيرتك نبراساً وقدوة لنا
نام ابو الطاهر قرير العين ومرتاح البال والضمير فقد أديت الامانة وقمت بدورك على أحسن وجه فالرجال الصادقون أمثالك لا يموتون بل إحياء عند ربهم يرزقون. وكما قال الشاعر
خلَّفْت في الدنيا بيانًا خالدًا
وتركْت أَجيالاً من الأبناءِ
وغدًا سيذكرك الزمانُ
ان لم يَزلْ للدِّهر إ نصافٌ وحسنُ جزاء
تغمدك الله استاذنا بواسع رحمته وأسكنك فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون
شاركها على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.