السودان-صحيفة عشق البلد
بين أزقة ودالنورة التي لفها الحزن، استيقظت تهاني عبدالمنعم على صوت الرصاص الذي اخترق سكون الفجر. كانت تهاني ابنة الـ (12) ربيعًا، تتحرك بخفة ملاك داخل منزلها، الذي تملأ أرجاءه حياة وبراءة.
لم تدرِ الصغيرة أن في تلك اللحظات الرهيبة، كانت هناك عين شريرة تتربص بها من أعلى نقطة في المنطقة، عين لأحد كلاب الدعم السريع، تجردت من كل معاني الإنسانية.
لم تكن تهاني هدفًا عسكريًا، بل كانت طفلة، زهرة لم تتفتح بعد. لكن ذلك القاتل المتجرد من الضمير لم يتردد لحظة واحدة.
في فجر يوم أسود، اخترقت ثلاث رصاصات جسدها النحيل، أطلق القناص الرصاصة الأولى في رجلها، والثانية مزقت بطنها الصغير، والثالثة اخترقت كتفها، وعينه لم تتزحزح ليشاهد سقوط تهاني، والدماء تنزف منها بغزارة، بينما الأحلام تتلاشى أمام عينيها.
لم تجد الطفلة من يسعفها، وظلت تنزف حتى فاضت روحها الطاهرة وهي تحلم بزيها المدرسي الأبيض، بشرائط ضفائرها المتدلية، بإكمال دروسها، وبمقعد في كلية الطب.
رحلت تهاني إلى الرفيق الأعلى، تاركة خلفها وجعًا عميقًا في قلوب والديها وشقيقتيها اللتين
كانت تتوسطهما كزهرة يانعة.